في السكون.. مزيد





في الوقت الذي يعاني فيه العالم من ضجيج لا يُسمعك صوت نفسك
شاءت العناية الإلهية أن توقفنا جميعا لننصت

 في العزلة.. كالملايين الآن
  نتأمّل كيف تسري حركة العالم في اتجاه واحد
وكيف وصلنا بلا أي تدريب.. إلى إيثار السلامة بالوقوف في محلّنا وقوفا كليّا
وكيف كنا قبل أيام ليست بالبعيدة -من أجل أن نشعر بالمواكبة- ينبغي أن نحترق بطريقة معينة
 وإلا ستوصم نفسك ويوصمك الآخرون بالـ .. الرتابة والفشل

لولا ما وقع الآن
يستكشف الجميع كيف يمكن أن نقرر إمضاء أيام متتالية
نتحرك ببطء في إطار شقة/غرفة
ولا نطمح لأبعد من النزول لشراء حاجيات ضرورية لتجيز العشاء


الخوف وحده يوحِّد الناس، ويجعل الأصوات تُسمع بالتساوِ
وبالخوف على الحياة.. إما تتداعى الأخلاقيات العامة التي نكنّها تجاه من حولنا خلف الجدران
أو نستشعر الألفة والقرابة التي لا ترتبط بالضرورة بصلات الدم أو التقارب أو اللغة
الرغبة في البقاء واحدة.. هي في الهند كما هي في مصر كما هي في فرنسا
والسلامة أولى من كل شيء
وفي إنائها تنضح حقيقة كلٍ منّا
 تظهر على ساحات الإنترنت مواقف جديدة وُثِّقَت من أجل أن تعيد الإيمان بالإنسان الحديث
وبأن الفردانية العصرية لم تمحِ فطرتنا في الاكتراث بسلامة الآخر
فيُصبح الحرمان الحالي دافعا من أجل التقدير
ومن أجل رسم  خططٍ أكثر جرأة وإقبالا على التواصل والاغتنام
..

في العُزلة.. الوقت يتساوى ويتشابه
إلغاء صلوات الجمعة يذيب الإطار الذي يفرّق بين أسبوع وآخر
وانقضاء الشتاء يطيل ساعات الشمس فتتوازن
ثم ما تنفك تتذكر أن النهار يثير فيك رغبة زيارة المتاحف/الحدائق/المقاهى مع صديق
قابلية اللقاءات العفوية.. والأُنس والمؤانسة
صلاة الجماعة والتصاق الأكتاف وسماع همسات السجود
أو حتى الجلوس في منتصف سوق بمفردك.. ذائبا في زحام متأمّلًا ومؤمّلًا عليه أن يلهمك بقصص جديدة
..

العالم استمع مطوّلا لصوتي وصوتك
واستمع لحاجاتنا وأحلامنا ومساعينا وإخفاقاتنا في حقه وحقنا
لكنه شاء أن يلتقط أنفاسه هنيهة
ويخبرنا أنه في السكون .. مزيد
وأنه لن يفوتنا دورانه إذا ما أمضينا نهارا طويلا في متابعة مساعِ طائر لصنع فطور يومه من كسرة خبز يابسة

Comments

Post a Comment

الأكثر قراءةً