لا طاقة إلا للدقيق..





في الوقت الذي باتت أكبر مجازفاتي فيه هي سكب مكونات من الدقيق والسكر والحليب
وانتظار أن تتحول تحت ضغط الحرارة إلى خُبز يُغني قلبي عن الحاجة للأمان
لا تزال كل مجريات الكون حولي جامحة كما هي
وفي كل نهار هناك سبب جديد يبرهن لك على أن خيار ترك الفراش كان فعلا جريئا للغاية
كالقفز من طائرة قبل التأكد من عمل مظلتك

..
لطالما كنت الشخص الذي لا يستطيع تمالك نفسه عن الانخراط كشخص متورط كليا فيما يشاركه به العالم
الغابات تحترق؟ أشعر بقهرة ذاك الطائر الذي خسر للتو أبناءه في عُش دقيق الصُنع، ظن أنه بناه على ارتفاع كافٍ يحميهم به من المخاطر

بيوت تتهدم بسبب تورط دولة جديدة في صراع القوى؟ كان في هذا البيت أريكتي وغرفتي، نبتتي التي سُررت بثمرتها الأولى، وذكريات مشاعر الأمومة الأولى
فيه فتحت ذراعيّ كجناحان، وضممت أبنائي وزوجي خوفا عليهم كظلّ، وظننتني قادرة على حمايتهم فيه من كل شيء
لكني فجأة..فشلت

توقف قلب شاب في أوج شبابه بسبب حُزنه على وفاة والده قهرا وظُلما؟ 
 يُعتصر قلبي قهرا على قهر
وأخوض حدادا لا إراديا تارة كالإبن كسير القلب
وتارة كباقي الأحياء من الأسرة كسيري القلب ضعفين
وتارة كعين ترى من بعيد..وتصدّق على أن الحُزن والعجز يقتلان كما يقتل السكين
..

المحاولات المُجدية في التعامل بشكل عملي كما تفرضه علينا طبيعة تسلسل الأحداث الدراماتيكية بشكل مُجحف باتت محض خيال
ولا يمكن تجاوز أن أقصى ما يمكن بذله حيالها هو صناعة الخبز
والشعور بالرضا أن "محاولة" لم تبؤ بالفشل

سرطان الـ"لا جدوى" يستشري كما يستشري النمل الأبيض في أساسات المنازل القديمة
يأكل بنهم، ولا يدع لك حيلة سوى اتخاذ قرار الهدم بملء إرادتك
ولكن ماذا يتبقى في الطاقة من جهد بعد اتخاذ قرار بقسوة هدم ما تمتلك لكي لا يحصل عليه الأخرون؟
من أين ستنقّب عن روح متبقية فيك لتشرع في البناء من الصفر؟
..

Comments

Post a Comment

الأكثر قراءةً