.. في الحقيبة





سحبت الفتاة التي علّقت قلبها في الهواء، حقيبتها الضخمة من أسفل الفراش
 وشرعت في تطبيق كل ما حاز ولو على جزء بسيط من مشاعرها
 وضعته بعناية في موضعه من الحقيبة، الذي تمنت لو ظل على حاله مهما ارتبكت بها الرحلة

سحبت الفتاة التي علّقت قلبها في الهواء، وسادة لتجلس عليها وبدأت في التحضير
قالت:
" هذا الحائط كان أول ما اتكأت عليه عندما انكسر قلبي هنا"
"لا أستطيع تركه ورائي" .. قامت، ثم طوته وأضافته في الجيب الجانبي

نظرت حولها، تنبّهت لتنهيدة السقف فوقها، والذي لطالما شاهد كل شيء دون امتعاض
وتذكرت كثيرا عندما حدّقت فيه بتحدٍ تارة أو استسلامٍ تارة أخرى
مستحضرة عندما سكبت فيه بكاء ليال طوال ظنّت أنها لن تواجه أطول منها
شعرت بالامتنان له
وأنها مدينه بالفعل
بالكثير
سحبته كبساط، طبّقته ووضعته بعناية قرب سابقه
..
تابعت بعينيها، تجول في المكان خوفا من نسيان شيء خلفها
وجدت أسفل السجاد.. وبين شقوق الأرض
حكايا طويلة، لحظات حب عابرة وأخرى تم التحضير لها مليا
لحظات انتظار.. والعديد من اللقاءات، والأصدقاء.. والوحدة
الكثير من الوحدة التي تم تشاركها بالتساوي مع كل جمادات المكان
لملمت في وعاء
الكثير من الضحك، وأمسيات الكسل أمام التلفاز
قليل/أو كثير من الخلافات.. والمعارك الفردية والثنائية والجماعية والـ غير ذلك
 الكثير من الكلمات الرقيقة، ودمعات الحب، والكلام القاس الذي سبب ندوبا حتى لطلاء الحائط
الكثير من زقزقات طيور الزينة التي نالت نصيبها ومسكنها الخاص من هذا البيت
والكثير من زيارات طيور الشارع الموسمية كلما تلقت دعوات لتناول بقايا الخبز والأرز

ارتبكت، وشعرت بالكثير .. الكثير جدا في آنٍ واحد
قامت بغضب وأحضرت مقشة وجاروفا، ولملمت كل شيء
وسكبته لآخر قطرة.. بترابه وصعابه
في الحقيبة

حتى القمامة.. كنّت لها المشاعر وكأنها الطفل الذي ينظر لأول لعبة صنعها بيده
"هذه قمامتي أنا .. لا ينبغي أن أتركها خلفي"
قالت في نفسها .. ثم بصوت عالٍ وكأنه تهديد
والشنطة ملئى عن آخرها بكل تجارب الفتاة التي صبتها صبا كأنها قلب
كأنها رئة ممتلئة بالهواء
..

احتملت الحقيبة واستقبلت عنها كل ذلك، لا تلفَظ مما تُحمِّلها صاحبتها شيئا
لكنها قررت أن تضرب بجذورها هي الأخرى في الأرض
كشريان دم يمتد
وقررت ألا ترحل .. أبدا

Comments

الأكثر قراءةً