الجدار انكسر.. الأرض انكسرت



انحنى جزعُ الأرض في لحظة صاخبة

فانكسرت ساق الوقت كعود ثقاب..

الأطفال تلهو، حتى وإن كانوا للتو يلتقطون النَفَس الأول بعد انتشالهم من التراب..

يبهرني ما يعتمل في عقلهم العميق، ومع ذلك تعلو وجوههم ابتسامة فيتسابقون للجدار..

هذا الجدار المهدوم على ناصية الشارع المهدوم الذي لطالما ضم عالمهم الصغير بأحلامه الكبيرة المهدومة الآن أيضاً..

..

انحنى جزع الأرض فجأة.. دون مقدمات

فماتت نباتات البيت قبل أن تُزهر، وضاعت همسات الحبيبين تحت الركام، ولن تملك الجدة أن تحظى بقبلة على يدها قبل أن يغادر ولدها لعمله، لأنه غادر إلى السماء في عَجَل

...

الشمس لم تأفل، بالرغم من أطنان الغبار التي حلّقت كوحش كاسر كاد يبتلع السماء..

لكنها احتضنت الليل فجأة في ذلك اليوم.. فأشاحت بوجهها عن الضائعين الباردين العالقين الوحيدين الخائفين

وتركتهم أحياء وما هم بأحياء.. أبدًا..

الأطفال تلهو مهما بدى هذا الأمر غير عادياً..

يلهون ويتسابقون للمس الجدار المتهدّم على ناصية الشارع المتهدم، ويعيدون بناء حلمهم المتهدم أيضاً بمجرد أن يكونوا هناك، ترتفع أصواتهم بالضحك بالرغم من كل شيء.

..

وأنت في مكانك.. تنظر من بعيد، تلاحظ، تبكي.. تجمُد، تئن وتغضب.. ثم تسير كما السائرون، تمضي وتتسابق للمس جدارك، وتطمئن لانتصابه في مكانه مثلما كان بالأمس. 

تُدرك أن لكل شيء حِكمة، وأن كل هذا الكون الفسيح بمن حوىَ ذرات من غبار..

Comments

الأكثر قراءةً