هل يجب أن أتناول صحن الخضروات؟



حينما كنّا صغارا
كانت حدود الصورة المنعكسة في أعيننا .. محددة
مجردة تماما
بضع ألوان واضحة..
أما ما اختلج .. تكفُّ الأنظار عن ترجمته

كل ما يهضمه ذهننا
واضح
 هذا طفل جيد لأنه يمسك بيد أمه : 
وهذا سيء لأنه لا يأكل خضروات صحنه
أو لأنه لا يرتدي جوربا تحت حذاءه

أما ما اختلج، فكان يتم لفظه
كأن لم يكن

 كأن الطفل الذي يأكل نصف خضرواته مثلا
أو علّه كان يرتدي جوربين غير متطابقين
كان شبحا خياليا.. 
لا حقيقة لوجوده
ولا أصل له
..

دائما ما كان يجب أن أختار فريقا
ولطالما أربكني هذا القرار
هل سآكل الخضروات؟ حتى ذات الحبة السوداء التي أبغضها؟
أم أمزق بطاقتي وأنقلب على النظام كله؟

هل سأُعجب بزميلي الذي يحتكر المقعد الأول في الصف
أم ذاك الفوضوي الذي يؤثر المقعد الأخير
ويستهلك جل وقت الدراسة في الرسم .. واستراق النظر لي؟
..

بعدما كبرت
لم يعد الأمر بتلك السهولة
ولم يعد يسعفني النظر لجورب أو لصحن .. أو حتى لأعين

ربما استهلكنا عمرا، نجرب .. وننخرط
ربما نضع روحنا وإيماننا التام.. كـ مِنحة مجانية على الطاولة

ربما .. كلما رأيت حذاء شريكك بلا جورب
أشحت بنظرك، وتذكرت صحن الخضروات الذي تناوله ليلة البارحة عن آخره

ولكن أبدا لن تعرف
لأننا كلما كبرنا، أصبحنا أكثر مكرًا وادعاءً
أصبحنا أكثر إهمالا، أو ربما أقل اهتماما
أو ربما لا شيء أبدا
كـ حشيشة عنيدة قررت أن هذا الإسفلت لن يمنعها من الاستقرار في هذه البقعة بالتحديد
حتى وإن كان ذلك يعني أن تظل وحيدة، مادامت حية.

Comments

الأكثر قراءةً