تفاصيلُ نُزهٍة عاديَّة

على مرمى بصري، فتاة آسيوية ملساء الشعر -بالطبع- تعاني مشكلة ما في مظلتها ذات النقوش الفضية على خلفية سوداء. 

تتبرّم وهي تحاول جاهدة أن تُغلقها وتعقد ثناياها بشكل متناغم ومتساوٍى. تضع المظلة بعصبية بجوارها على الـ"بنچ" وتقرر أن تُحملق في مياه الخليج الشفيفة لتهدأ.

وربما تكون مثلي، تحاول أن تبتلع غضبها حيال أمرٍ ما بأن خرجت اليوم إلى الهواء النضرة برودته، واستقبلته ليرتطم في وجهها وقلبها علّه يلطّف بعض هذا الحَنق.

على الجانب الآخر، جلست سيدة منتقبة، متلحفة بالسواد قرب ولدها الصغير الذي يلعب بكرات مطاطية فسفورية اللون أتذكر أنني كنت أمتلك مثلها منذ وقت قريب.

ربما يمكنني شراء إحداها في طريق عودتي. 

وربما لا! لأنني أصررت ألا آخذ مالي وانا استعد للنزول من منطلق "فشّ الخلق".

أما قربي، يجلس رجل ثلاثيني أصلع يميل إلى السمنة، يحاول أن يحل عقدة تشبثت بين صنارته وميدالية مفاتيح سيارته.
يبدو تائه، غاضب أكثر من أي وقتٍ مضى كان قد شعر فيه بالغضب قبل أن يقرر الصيد ليهدأ. ففشلت خطته.

أمامي، تجلس شابة بحذاءٍ رياضي لافت، تختبئ -مثلي- خلف نظارتها الشمسية الضخمة، تُحدّق في هاتفها، وتختلس النظرات إلى بين حينٍ وآخر، وكأنها تكتب ما تراه عبر هاتفها -مثلي أيضا.
تبدو مُحبطة، قامت تجرّ ساقيها وكأن النزهة قد فُرضت عليها فرضًا، يبدو أن غايتها من النهار البارد لم تُحقق بعد. أتمنى لا تكون مثلي في ذلك.

وخلفي، نخلة أثيرة، ينقرها طائر صوته يشبه نغمة منبّهي، الذي لم أحتاجه الليلة ليوقظني بعد ساعات من التأرجُح بين الوسائد أرقًا.

نخلة طيبة وهادئة، لا تسأل أو تثير الارتباك، أستظل في قامتها بينما أفكر بشكل فوضوي في كل شيء، وفي العدم على حدٍ سواء.

انتهت نزهتي هنا، سأجرّ ساقيّ الآن إلى المنزل.

Comments

الأكثر قراءةً